سعود بن بندر ،،الفيلسوف الذي تحدث شعراً (دراسه شامله)
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سعود بن بندر ،،الفيلسوف الذي تحدث شعراً (دراسه شامله)
سعود بن بندر
الفيلسوف الذي تحدث شعراً ....
** دراسة تحليليه لنفسية مبدع من خلال قرائه لبعض نصوصه الشعريه،،،،،،
مدخل :
سعود بن بندر طفل ليس ككل الأطفال في طفولته النزقة تبينت وآمنت له لأنه يختلف عن نزق أبناء جيله ، وكنت أخشى أن يكون هذا فقط تقدير أب .. مصدره عواطف أبوه أيضاً .. لطفولته ذكريات جميلة .. تشرق في كون الأسرة حينما اقتفى أثر نزق نبوغه المبكر واتجاهه الإنساني الفريد "(1)
في هذه الكلمات الصادقة تحدث سمو الأمير/ بندر بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود ، في مقدمة لديوان الأمير الشاعر الإنسان (سعود بن بندر) ، لم يكن غريباً عنه بل عايش تلك الموهبه الشعرية الفريده بإحساس الوالد ، فجاءت كلماته مفعمة بالصدق ، خالية من المجاملة له .. فرأى عن قرب فلسفة ما يقوله بواسطة رواته ، فأعجب بأبياته التي تنم عن حكمة واسعة ونفس إنسان مبدع .
(سعود بن بندر) رحمه الله شاعر غني عن التعريف فهو كشاعر مجدد يعتبر من رواد الشعر الشعبي في المملكة . اعترف أن من أسباب دوافع الكتابة عنه ، ما أكنه لهذا الإنسان من حب لشخصه كشاعر كونه شاعر مبدع ، عشقت كلماته بل وأحرفه، وحفظت الكثير من قصائده التي ما زالت خالدة في أذهان محبي شعره ، خلدت لما لها من قوة في المعنى ، وعذوبة في التعبير وسلاسه في اللفظ وما تحمله من مشاعر سامية نبعت من وجدان هذا الفيلسوف الشاعر الحكيم .
واعترف بأن سعادتي لا حدود لها لو قدر له الحياة ليقرأ هذه السطور المتواضعة والتي أكتبها الآن لما كان له من رغبة في سماع أو قراءة كل من له رأي حول شعره كما جاء على لسانه في مقدمة ديوانه عندما قال " مؤكداً رغبتي أن أسمع الرأي .. بل شكري لمن سيسمعني رأيه بأي وسيلة يراها .. لأنني أحتاج استعمال الميزان "(2) ولكن لإيماني بالقدر الذي لم يمهله كثيراً ولاعترافه بأن قصائده بمنزلة أبناءه حينما قال في مقدمة ديوانه أيضاً " لم أجرب شعور الوالد نحو ابنه بعد .. ولكن إذا كان نفس شعوري في ذلك الوقت نحو قصائدي فلا شك أنه شعور عظيم لأنها كانت شيئاً أشبه بأبناء لي "(3) .
أقول بهذا عزائي الوحيد وكأني أمام أبناءه وأنا أقرأ كل قصيدة كتبها .. وشعور يعتريني بأنني أمام شاعري أراه وأسمعه عندما أقرأ حروفه بكل الحب رحمه الله.
حياته الشعرية :
سعود بن بندر شاعر موهوب منذ نعومة أظافره كما جاء على لسان والده ، وتجربته الشعرية جاءت بسيطة لا تتعدى ما يقوله عن أحلام كل إنسان ذو موهبة ولقد اعترف صراحة بأن تجربته وحياته الشعرية مرت بمرحلتين متأثرة بنظرته وفلسفته في الحياة .
فالمرحلة الأولى : مرحلة المراهقة وهي التي يسيطر فيها القلب تماماً على العقل وتملؤها العواطف والأحلام ويطيب فيها عيش الحاضر ولا يهتم صاحبها بالتفكير في المستقبل . في هذه المرحلة يعترف سعود بن بندر بأنه كتب قصائده الأولى وبأنه لم يحس بصعوبة عند محاولة الكتابة لأنها تنساب منه انسياب دموع الحزين .
أما المرحلة الثانية : مرحلة النضج والنظرة العقلانية للحياة أو كما سماها سيطرة العقل وتغيير نسبة العاطفة الوجدانية في داخله . هذه المرحلة تعتبر المرحلة الإبداعية لديه فالشعر أصبح وسيلة لتحقيق أهداف الطموح من خلال فلسفة الواقع يستطيع الوصول وتحقيق أحلام المستقبل .
فالدارسون لشعره لا يستطيعون تحديد ملامح تلك المرحلتين ، بل يجدون صعوبة في التفريق بينهما ، لما لشعره من قوة في الأسلوب والمعنى ،ولعدم توفر الكثير من نصوصه الشعرية التي كتبها في مراحله الأخيرة ، فليس لدينا سوى ديوان واحد مطبوع جمع بعد وفاته دونما يوضح البدايات كما أراد الشاعر نفسه عندما أشار في مقدمته التي ظهرت في الديوان غير مكتملة بأنه سوف يقدم مجموعة شعرية كديواني شعر لكل مرحلة على حده ، بيد أننا نستطيع أن نوضح بعض خصائص ومميزات شعره بشكل عام ، لكلا المرحلتين التي مر بهما الشاعر دون تجزئه لعدم استطاعتنا كما ذكرت لذلك .
فشعره يمتاز بعفوية الإحساس والمشاعر فلم يكن يتصنع أو يفتعل العاطفة ، بل كان يكتب على سجيته دونما تكلف ، ولذلك جاء صادقاً ومعبراً وواضحاً رغم ما نلاحظه من بعض الغموض في أبياته وكثيراً ما يرمز بالحب أو العشق لهدف أسمى في نفسه ، تجده يهرب من الواقع ويجنح إلى الخيال بعض الشيء لتتضح المعاناة الصادقة في أشعاره من عدم الرضا عن الواقع وفلسفته الشعرية وسمو التفكير لديه ، فتحدث عن الطموح كثيراً وجاءت أشعاره بصور فنية رائعة وبأسلوب شعري مميز محملة بالحكمة والأمثال التي خلدها في أذهان الناس . فعندما تتعمق في قراءة نصوصه الشعرية تكتشف أنك أمام فيلسوف صاغ مبادئه وطموحاته وأهدافه بأعذب الكلمات الشعرية , فتعال عزيز القارئ لنتعرف من خلال قراءة بعض أشعاره على هذا :
الفيلسوف الذي تحدث شعراً .. !!
قلنا عندما تحدثنا عن حياته الشعرية بأنها مرت بمرحلتين وأنه من الصعوبة التمييز بين هاتين المرحلتين لأسباب ذكرناها ولكننا عندما نستعرض بعض أبياته الشعرية والتي قرأناها في ديوانه بصورة غير منظمة لعدم اقتناعنا بأنها جاءت مرتبة في الديوان حسب مرحلتها بمعنى أنها طبعت ورتبت داخله حسب التاريخ الذي قالها الشاعر فيه ، وبالتالي تقربنا للحكم على تصنيفها في أي من المرحلتين تكون تلك القصيدة ، ولكن إذا ما عرف القارئ بأن المرحلة الأولى في شعره كانت تلك القصائد الوجدانية التي يتحكم في قوتها عاطفة القلب ومدى سيطرة إحساس القلب على منطق العقل وبأن فلسفة المرحلة الثانية تعتمد على العكس ، وهذه الفلسفة الشعرية التي اعتنقها الشاعر جاءت على لسانه كاعتراف صريح على المنهج الفلسفي الذي كان يلتزمه ، يستطيع الناقد والدارس الواعي والمتابع الحذق أن يقترب من زمن القصيدة في ظلال تحليلنا لبعض أبياتها وما تحمله من خصائص وبناء فني وصور إبداعية رغم ما قلنا من صعوبة تحديد في أي المرحلتين كتبت .
1- مقياس الإبداع في نظره :
ففي قصيدته تحت عنوان " يا أهل الشعر والفن " والتي ضمنها ديوانه في صفحة ( 166 ) جاء اعتراف الشاعر صراحة بأنه يكتب الشعر على السجية مفسراً عفوية أحاسيسه ومشاعره التي يلحظها كل قارئ في معظم أشعاره ، فهو لا يفتعل الكلام ولا يتصنع المعنى بل تنبض أحاسيسه شعراً لترسم لوحة مشاعر جميلة يقرأها عشاق ريشته ، فلسلفة فن معبرة وصادقة على صدر صفحات الجرائد والمجلات ولذلك قال :
حاولت أصور بالشعر نبض الإحســــــــاس
ورســم المشاعر فوق الأوراق كـــــــــايــد
وأنا كتبتــــه مــــــا تخيلـــــــــت مقــــياس
على السجية كنت أقول القصايـــــــــــــــد
فهو ليس واثقاً من محاولته رغم صدق أحاسيسه ومشاعره من طبيعته فهو لا يستطيع الحكم على ما قاله لأنه لم ينظر لحظتها إلى المقاييس الشعرية وأوزان القصيدة ، فجاء بهذا النفس الإبداعي العذب على السجية ، فالقصيدة يخاطب فيها الشعراء والنقاد وبتواضعه يقوم أنا لست شاعراً ولا أضع نفسي عليكم ناقداً ولكن إن جميع ما أكتبه شعوراً طبيعياً وعفوياً ، أحاسيس ومشاعر تتأجج بداخلي هكذا دون افتعالها . وكأن لسان حاله يقول.. من منا الشاعر .. ؟
فالشاعر المبدع في نظره من يقول الشعر على السجية .. هنا أتى بمقياس الإبداع لدى الإنسان المبدع ..
2- الغموض في بعض قصائده :
ليس هناك غموضاً بمفهومه اللغوي فشعره كان عذب الألفاظ بسهولة يفهمه المتلقي المثقف والإنسان العادي على حد سواء ، فلقد ذكرنا من مميزات شعره بأنه جاء على السجية وبتلقائية الفطرة لدى الإنسان ، ورغم أنه يعتبر شاعراً مجدداً لا تكاد تجد وأنت تقرأ له تعقيداً في اللفظة وصعوبة في المعنى والتشبيه المبالغ فيه ، على عكس ما جاء به بعض الشعراء بدعوى التجديد فأضاعوا الطريق الصحيح الذي رسمه هذا المبدع وذلك عندما قال رائعته التي منها :
أرعـــــى خيالك في خيالي وأناجيـــــــــــــك
وأضـــــم طيفك واحسبنــــه قوامــــــــــــك
وأشتاق لك وأحلم بزولك وأراعيـــــــــــــــك
وأخـــــاف من غــــــيري يفوز بغرامــــــك
ولكن الغموض في شعره يتمثل في فلسفته الشعرية ولكونه فيلسوفاً بلسان شاعر ، وذلك عندما تحلل بعض أبيات قصائده وتقترب من فهم المعنى القريب لها ، تجد عمق نظرته يقودك إلى استحالة فهم المعنى البعيد لتلك الأبيات ، مؤمناً عند محاولتك التحليل بمقولة المثل " المعنى في بطن الشاعر " وقد لا تواجه صعوبة في كشف الغموض المقصود من الشاعر حينما يكشف عن ما رمز له ، ولكنه ببراعة ومقدرة الفيلسوف يجعلك تسلك الطريق الصحيح بين المعنى القريب من وجهة نظرك كمحلل أو ناقد وبين المعنى البعيد من وجهة نظره هو كشاعر ، أردت تحليل نصوصه تمهيداً لفهمها ونقدها . وتلحظ الغموض أيضاً لكونه أخذ مفردة الحب أو العشق لترمز لهدفه الأسمى وطموحه الجامح ومبادئه النبيلة ليفتح أمامك أبواب المدينة الفاضلة عند أفلاطون ، حتى ليخيل إليك أن جميع ما كتبه من قصائد وجدانية تحمل هذا المعنى ، رغم وجود تجارب عاطفية عاشها الشاعر واعترف بها صراحة سوف ندلك على تلك التجربة عند الحديث عن العشق كمفردة ترمز لهدفه وفكره الفلسفي .
جاء بديوانه العديد من القصائد التي ينطبق عليها هذا الوصف أو دعني أقول النفس الإبداعي الفلسفي الذي ما زلنا نتحدث عنه فلقد حذفت مفردة أو اثنتين قصد الشاعر عدم تواجدها وبذلك حافظ على منهجه الفلسفي لشيء في نفسه .
فهناك كمثال قصيدة " علمتني " صفحة ( 68 ) وقصيدة " سيد الرشا " في الصفحة التي تليها وقصيدة " دنياك حلوة " في صفحة ( 114 ) وقصائد أخرى احتواها ديوان الشاعر . وللدلالة أكثر على الغموض في بعض أبيات قصائده نورد هذا البيت من قصيدة " أنا غريق " صفحة ( 156 ) فهو يقول :
بين اختياري واختياري والأيام
حسيت نفسي واقف في محلي ..!
وفي قصيدة " يا خوي " صفحة ( 154 ) قوله :
خذها نصيحة قلب مالك موالــــــــــــــي
ألاّ أنت والقدرات واللّي تشوفــه ..!
إلا أن جاء في آخر القصيدة في محاولة الإجابة على الغموض في إبداء النصيحة وبأنها نصيحة مجرب عاش تلك اللحظات ونظر لها بعين العقل وأدرك بمقدرته الطريق الصحيح وأن منطقه هو الصواب لذلك أجاب على الغموض في مطلع القصيدة وأتى بغموض الحدث عندما قال :
يا رب يا سامع رجــاي وســـــؤالي
وفقني لتحـــــت القـدم في وقوفـــه
واغرف خطايه وانت أعلم بحالــــي
وقصدي ونياتي ونفــــسٍ عيـــوفــه
في ما عملـــــت أول وناويـــة تالــي
خلك معي يا رب منك المروفه ..!
ليس هناك مجالاً لتوضيح وشرح الأبيات السابقة .. إلا بالتساؤل إذا كان يطلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى ، واعترف صراحة بالخطأ وبأنه حدث في الماضي … فلماذا ينوي فعله مستقبلاً .. ؟ ويطلب ربه الرأفة والرحمة لحظتها ؟ الإجابة على هذا التساؤل الذي يوضح عمق الفلسفة في شعره يكشف الغموض ..!
وفي قصيدته " عطني العزوم " في صفحة ( 160 ) يقول مطلعها :
لـــي لـــــزوم هنــاك وهنيا لزوم
والهنيا أهـــون خطاها من هناك
وقامت ش**** على قلبي تلوم
وبعد ما خايرت نفسي قلت ذاك
الهنيـــــة تشبـــه لماكر رخـوم
في محلة تاصله حذفـة عصـاك
والهنــــــــاك تشابه لحــر يحـوم
ماكرة صعب على نصب الشبـاك
انتويــــت هناك يا معطي العـــــزوم
عطني العزم القوي وأجزل عطاك
كم هي جميلة هذه القصيدة التي يفاضل فيها بين ما رمز له " بالهنيا " أو هنا ، أي ما يلمسه الشاعر ويعيشه فعلاً ذلك الشيء القريب جداً له وبين ( هناك ) ذلك الشيء البعيد والصعب في نفس الوقت والذي يهواه الشاعر ويتمنى الوصول له ، لأن فيه متعته الحقيقية وقناعته وإرضاءه لرغباته وأحلامه ، بمعنى بمثابة تحقيق الذات ، لأنه فضله على ما رمز له بالضمير " هنا " تلمح الغموض في هذه القصيدة رغم سهولة ألفاظها ووضوح معناها للوهلة الأولى ، وتتساءل ماذا يقصد بهاتين اللفظتين ، وتكاد تجيب هل قصد المفاضلة بين " الدنيا " وأشار لها " بالهنيا " والدار الآخرة عندما أشار لها " هناك " خصوصاً وأنه ربط الوصول لهدفه وما يرغب في تحقيقه من خلال ما تلحظه من صراع داخلي في نفس الشاعر باستجابة الله سبحانه وتعالى وطلب المغفرة والعفو وأن يثبت أقدامه على الطريق الصحيح .
إنك لا تستطيع بأن تؤكد بأنه صراع الخير والشر في نفس الإنسان .. لأنك أمام فيلسوف يحتمل منطقة بعد أعمق وأشمل.
يساعدنا في الدلالة على الغموض في شعره من منظور وبعد فلسفي بحت ما جاء في بعض أبياته كقوله :
أقولها وأجهـــــر بها يا هــــل اللمـــــح
صبري تعدّى الحد وأرجي عساهم
وفي قوله :
ولولا أن سب الدهر شركي
فسرت قصدي وجبت أمثال
فعند تحليل هاذين البيتين وفهم المعنى بشكل سليم وواضح وما جاء بها من مفردات مرتبطة بالغموض بمعنى محاولة تفسيره وإيضاحه مثلاً على فهم هذا البعد الفلسفي الذي تمتاز به معظم أشعاره رحمه الله .
3- العشق رمزاً لهدف في نفسه وللطموح الذي لا تكاد تخلو معظم قصائده من الحديث عنه:
تحدثنا عن الغموض كنفس إبداعي فلسفي أتى به في مضمون أشعاره وقلنا بأنه استخدم مفردة الحب والعشق كرمز للطموح والهدف حتى ليخيل إليك أن جميع قصائده تقوم على هذه الفلسفة ..
وسواءً عاش تجربة الحب الحقيقي أو أنها أحلام المراهقة كما اعترف صراحة بأن مضمون أشعاره تقوم على سيطرة القلب والتي ذكرنا بأنها تمثل المرحلة الأولى في حياته الشعرية ، لا نستطيع إنكار ما تحمله بعض نصوصه الشعرية من دلالة واضحة على غزله العفيف الطاهر الذي لا يتعدى الأحلام النبيلة والأماني في نفس العاشق الولهان ، وما عرف عنه من نبض الإحساس الصادق الذي أثبت مصداقية ونبل مشاعره الوجدانية من خلال قصائده الغزلية ، الذي عرفه محبيه من خلالها كشاعر غزل عفيف ، أبدع في وصف المرأة والتغزل بها وكأنه يصور معاناة كل إنسان محب أضناه الفراق ولوعه .
كل ذلك نضعه نصب أعيننا ونحن نتحدث عن المرأة الحبيبة في أشعاره ، فليس بمقدورنا التغاضي عن هذه التجربة في حياته أيا كانت .. ربما تكون تجربة قاسية ومريرة ، نهايتها الفشل لظروف ليس لها علاقة بتطور الفكر الفلسفي الذي مرت به حياته الشعرية ، وربما لا تعدو ثمة أحلام وأماني بدافع القلب المسيطر على سلوكيات الإنسان في مرحلة ما .. تحدث عنها الشاعر نفسه ووصفها بمرحلة المراهقة . فهو يقول إنه يحب فهم متعة عيش كل لحظة .. للحبيب والرؤية للحبيب.. وسهر ليل الحبيب " بتلك الحقبة الزمنية من حياته وعلّل أحاسيسه تلك بقوله " لأنه كان بأمكاني أن أعيشها .. وأحس فعلاً وبصدق أنني أعيشها، لأنني وببساطة وبنفس القوة التي أعايش بها نفس الشعور عشتها بحنيني .. أو بخيالي وبغض النظر عن وجودها أو عدمه .. فإنها تنساب منّي انسياب دموع الحزين ".(4)
يعترف بأنه قد عاش هذه التجربة على الأقل كشعور وإحساس الإنسان الحزين الفاقد للقلب الذي يحنو ويعطف عليه .
فجاءت أول قصيدة كتبها يقول فيها :
الدمع غالي كف دمعك كفايه
وش في دموعك فوق خدك جواري
دمعي معك وإن هل دمعك عزايه
أبكي لدمع من العيون الحواري ..!
جاءت كفكرة " دموع " من قصيدة مشهورة للأمير عبدالله الفيصل مطلعها :
ليتني ما شفت في عينك دموع
منظر الدمعة على خدك هلاك
برغم أن الشاعر أنكر مدى التأثر بهذه القصيدة فعلاً بأنه محتاج للفكرة فقط وبأن التأثير خفي وأقوى .. ونحن نرى بأنه شعور الحزين فلذلك رأى بدموع الحبيب العزاء فيما أصابه من حزن عميق ..
ففي قصيدة " منهو حبيبك " والتي جاءت بديوانه صفحة ( 59 ) ضرب أروع الأمثلة في التضحية من أجل المحبوب عندما تساءل قائلاً :
منهو حبيبك غايتي بس أهنيـــــه
على حسن حظه عشانك حبيبه
أنا أشــــهد إن الله يحبــــه ومعطيــــه
اللّي هداك الرب تصبح نصيبه ..!
فبهذه الأبيات الرائعة كان هذا التساؤل .. منهو حبيبك .. ؟ أجاب على غرضه عن معرفة الإنسان الذي يعشقه حبيبه .. والقصد والهدف من ذلك التهنئة والتبريك لهذا الإنسان المحظوظ الذي أحبه وأصبح من نصيبه .. محبوب الشاعر ، فلم يدع مجالاً للغيرة بل آمن بالقدر وبأن الحب قسمة ونصيب ، فأراد أن يعبر عن شعوره الصادق بذلك التصرف اللاإرادي .. النابع من سمو تفكيره الروحاني وبأن سعادة هذا المحبوب مع من يحب توجب التضحية وبذل العطاء أكثر وأكثر . عدا ما جاء في القصيدة من أبيات أخرى في الوصف والتغزل وإظهار الجمال الأنثوي الذي هو هبة من الله والطباع الحميدة التي أصبحت كمجهر ينظر من خلاله ليحكم على بعض مايراه جميلاً .. وكأنه يقول مقياس الجمال الحقيقي هو أنت يا حبيبي في قوله :
قبلك وأنا بعض الجمال التفت فيــــه
وعقبك ظهر في كل من شفت عييه ..
وفي قصيدة " كرهني نفسك " الصفحة (60) تجد فيها من الصور البديعة والجميلة بمنطق واقعي ومقنع عندما طلب في البيت الأول المساعدة لكي ينسى ذاك الحب الذي لوعه وأضناه وقلب حياته رأساً على عقب .. فمثله بالأسطورة التي لا تصدق وتوقع النهاية الحتمية التي لابد منها لما كل بداية نهاية وذلك في قوله :
حبي لك أبلغ من جميع الأساطيـــــــــــر
ماله بقاموس الهوى وصـــــف ثانــــــي
لاشك أنا أشعر بالنهاية وش تصيـــــــــر
وأحســــب حســـــاب فراقنا بالثوانــــي
فرغم هذا الحب الأسطوري الذي فاق الوصف وتعدى خيال الأسطورة لا أجد معنى بليغ لأتحدث عن عظمة هذا الحب .. ! فبرغم عظمته ومصداقية مشاعرنا ليس هناك أدنى شك بقدوم النهاية وأن قال هذا العشق الأفول .. بل أنني أدري بمصيره فلذلك أعد وأرقب الفراق بالثواني .. وهنا إشارة للسرعة والحذر والمصير الحتمي المتوقع . وتجد من خلال القراءة لقصيدته ( تولعت بك ) الصفحة (62) والتي مطلعها يقول :
تولــــعت بك والله كــــتب علـــــى فرقـــــــــــــاك
حسيبي على الحظ الردي كانه اشقانـــــــــــــــــــي
أنا ما شعـــــرت إني مع الناس قبــل ألقـــــــــــــاك
ولا ذقــــت للدنيــــا طعـــــم قبـــــــــــل تلقانـــــي
الحنين إلى الماضي والوقوف على الأطلال ومحاولة رسم صورة لتلك الأيام الخالدة التي عاشها في ظل ذلك الحب الذي تغنى من أجله أعذب الألحان ، في لحظات صادقة عندما زار تلك الأمكنة التي جمعته بالحبيب ، لتكون هذه المحاولة بمثابة العزاء لما يعانيه من ألم الفراق ولوعة الحب الذي أشقاه وعذبه . فلعل في حنين الذكرى تخفيف لأحزانه .
والأمثلة كثيرة على عاطفته الصادقة الرقيقة التي تحدث عنها شعراً بأعذب المعاني وأجملها .. وفيها من الصور الرائعة التي تعبر عن نفسها دونما تحتاج إلى تحليل أو نقد ، فلنقرأ هذه القصيدة وهي من قصائده المشهورة والتي جاءت بديوانه صفحة (94) تحت عنوان " قالوا تحبه " يقول فيها :
قالـــــوا تحبـــــه قلــــــت ما هو بالحيـــل
بــــس إنه أغلا شــــــوي من نور عيـني
يسوى جميــــــع الجيل الأول وها الجيل
أحبابــــــــــــــــــــي الماضـين والمقبلـين
شوقي له أعظم من ظما الأرض للسيل
وأشفــــق عليـــــه أكثر من أم الجنيـــني
واحتـــاج لـــــه حاجة ثرى مصر للنيـل
وعليــــه أغــــار ولـــــو مــن الوالديــني
اشتــــــاق لـــه شــــوق المــحـبين لليـــل
وأرتــاح لــــه راحـــــة دمــوع الحزينـي
لا صـــار جنبــي لو سنــــة وقتي بخيـــل
ولا غــاب لو لحظــات صـــــارت سـنين
قالوا يحبـــــك قلــــــت هـــــــذا هو الويـل
ما ودي أنشــــــد ثم رفضـــــه يجينـــــــي
الأبيات السابقة لا تحتاج لتوضيح على ما جاء بها من صدق الأحاسيس والمشاعر ولكن نريد الإشارة فقط بأنه بدأ بالإجابة على من سألوه عن هل تحب ذلك الإنسان .. ! وبعفوية المحب أجاب .. واستطعنا معرفة عظمة الحب الكبير .
إلا أن سألوه عن ماذا إذا كان هذا الإنسان .. يحبك أيضاً " قالوا يحبك ؟ " في البيت الأخير المذكور سابقاً الذي أفاد بأنه أحيا وأعيش لأجله ورغم هذا يخاف السؤال عنه .. لكونه أمل وربما وهم يعيشه .. ! فيقول لأولئك الناس .. دعوني وشأني.. وفي هذه القصيدة يبين ويوضح بأن الحب عطاء بلا حدود وأنه يقنع بأبسط الأشياء في مقابل الحب الحقيقي من جانبه .. وهذا تمثل بالأمل الذي يعتقد بأنه وهماً لن يتحقق ومع ذلك يشعر بالرضى والاقتناع .
وفي قصيدته " مات حبك .. ! " في ديوانه صفحة ( 96 ) يعترف بأنه جرّب هذا الحب ولكنها تجربة مريرة وقاسية كان مصيرها الموت المحقق الذي اغتاله الحبيب بتصرفاته وادعائه الإخلاص والوفاء الذي صدقها هو بدوره لما خدعه الحبيب من صفات ظاهرية مثلها الشاعر بأنها غلطة عمر كبيرة في حياته فلقد قال :
مات حبك والبقية في حياتــــك
في حنايا خافقي لاقا مصـــيره
خذ مع الجثمان باقي ذكرياتــك
تجربة حبي معك كانت مـريرة
لكوننا كما ذكرت سابقاً لا نستطيع إنكار هذا الحب الذي عايشه كشعور وإحساس بغض النظر عن وجوده من عدمه في حياته، أوردنا بعض الأبيات كدلالة على الحب في حياته بمفهومه العام عند كل الناس..ولكون الحب كمفردة استخدمها للدلالة بالرمز على الطموح وبذلك أصبح للحب مفهوماً آخر ينطلق من فلسفته الخاصة لمعنى العشق والحب الحقيقي.. فنجده ينكر الحب في الزمن الذي عاشه لاستحالة وجوده أصلاً لتبدل المفاهيم والقيم في نفوس الناس ، وتارة بربطه بآماله وطموحاته وأفكاره وأهدافه بهذا الحب ويعترف صراحة في بعض الأبيات بهذا المنطق الفلسفي ، وما قاله أيضاً عن الشك والغيرة ، وتارة بالحديث أيضاً عن تجربة قلبت هذا المفهوم وأصبح لا يثق ولا يحب الدخول في مواصلة الاستمرار العاطفي .
ولمحاولة توضيح ذلك الاتجاه الفلسفي والوقوف على مدى ما تعذب وعاش شاعرنا في سبيل تحقيق طموحه للمضي قدماً في الوصول إلى الهدف الأسمى في حياته . تعال عزيزي القارئ لنغوص في أعماق فيلسوفنا من خلال تحليل لوحته الإبداعية التي حملت عنوان " عذابي في حياتي من طموحي .. !"وجاءت في الصفحة ( 177 ) من ديوانه فهو يقول :
عذابي في حياتي من طموحـــي
أحبه وأعشق أهدافه وأخـــــــافه
هو اللي مشغل ذهني وروحــــي
ومجبرني على حب الكلافـــــــه
يشوف دماي تجري من جروحي
على دربي ولابه لي مرافــــــــه
ويطمح بي مثل مهر جموحــــي
عزومٍ توة بصعب العسافـــــــــه
وحتى لو صعد عالي الصروحي
نوالة نايف باقي البعد شافــــــــه
ولا قلت استرح ما هوب يوحــي
ولا يهتم وش خلاّ خلافــــــه ..!
على الآمال له صبر لحوحـــــي
يعاند واقه أمرة في حلافـــــــــه
يعرف الوقت ضدة في وضوحي
ومع هذا مصمم ما يخافــــــه ..!
هذه القصيدة رائعة كروعة لوحة فنية جميلة وهي تصور معاناة الشاعر .. وتبين فلسفته الشعرية .. فالعذاب .. الحياة .. الطموح .. الحب .. العشق .. الهدف .. الخوف..جميع هذه المفردات جمعها في بيت واحد .. بمعنى كل حروف البيت الأول تتكون من هذه المفردات التي لها دلالة واضحة على أن الطموح في داخله حب بل على ذلك إلى درجة العشق فهو يعشق الأهداف برغم ما يتعذب ومصدر العذاب والمأساة له هو ذلك الطموح في حياته ، الذي يصور له الخوف من المستقبل .. والخوف هنا ليس بمعنى الذل .. ولكن الحيطة والحذر ولإيمانه الكامل باستحالة التحقيق لما فيه من مخاطر تؤدي إلى التهلكة ، رغم هذا العشق الأسمى الذي يجنح إليه الطموح .
فهنا تبرز النظرة الثاقبة للهدف الأسمى وعقلانية الشاعر وذلك بخوفه من طموحاته تلك وفلسفته المثالية وذلك بالإصرار وبعزيمة الواثق على المواصلة بمعنى محاولة التغيير ليحقق طموحاته المثالية ، فتكشف الصراع في نفس الشاعر بين الواقع أي ما هو كائن .. و الخيال ما يجب أن يكون .. فهناك واقعية في التفكير و مثالية الفلسفة لدية .
وفي البيت الثاني :
يشير إلي العقل والروح وجاء بكلمة ( ذهن ) للدلالة على التركيز والجهد الذي يتطلبه عندما ينشغل في التفكير العقلي .. فالإنسان بطبيعة مركب من ( روح – عقل – جسد ) فالروح تدعوا الإنسان إلي السمو والروحانية وإلا ما هو فوقي بمعنى الوصول إلى الفضيلة .
والجسد يأخذ الإنسان بحكم الغرائز الذي تدعوه إلى الدونية والأشياء الأرضية بما فيها من شهوات ورذائل وهدم القيم بدافع الغريزة الجنسية الذي أوجدها سبحانه وتعالى للحفاظ على البشرية بتأثير قوي ليس من السهولة السيطرة عليه إلا بوجود العقل .. الذي وهبه الخالق سبحانه لموازنة كل من هذه الرغبات والمتطلبات ( الروحية – الجسدية ) . وبالتالي يصبح إنسان عاقل .
والملاحظ هنا أن الشاعر أتى بمفردتين صراحة . الذهن ( العقل ) والروح ولم يذكر الجسد أو النفس ، بل أشار إلي ذلك من بعيد في عجز البيت بكلمة ( مجبرني) وأجبر على الأمر : اكرهه والزمه بفعلة ومعنى الجبر : تثبيت وقوع ما يقدره الله من القضاء ويحكم به ..!! .
فالطموح هو الذي الزمه وأمره بذلك الحب المصطنع .. !! فهذا فيه تأكيد على سمو طموحه إلى الهدف الروحاني الذي تحقق فيه ذات الشاعر ، وهنا تتجلى فلسفة الشاعر رغم أن طموحه يلزمه على أن يساير الناس ويواصلهم وذلك لأنه شيء لابد منه .. فالمستحيل تحقيق الطموح لأن النهاية مؤلمة . فالبيت دلالة واضحة على عظمة الهدف الذي ما زال يتمسك به رغم ما يلاقيه من عذاب وقاسى في حياته .
وفي البيت الثالث :
ما زال يتحدث عن الطموح وسمو التفكير والهدف لهذا يقول بأنه أي " الطموح " ينظر إلى جروحي تنزف دماً لأجل تحقيقه " على دربي " إشارة لمواصلة الطريق وبذل الجهد لتحقيق الطموح ، وعلى هذا طموحي لا يرحمني ولا يرأف بحالي وهنا يطلب الرحمة والرأفة فقط وليس تركه في حال سبيله بمعنى أن يتخلى عن طموحه كلياً وهنا دلالة على الهدف الأسمى أيضاً في هذا البيت شبه الطموح بالكائن الحي الذي نظر إليه .
وفي البيت الرابع :
شبه الطموح " بالمهرة " الصغيرة وهذه إجابة على البيت السابق ، بأن الكائن الحي " الحصان " الذي يمثل القوة والعزم فالخيل ترمز للقوة ، وبأن هذه المهرة تجمع " كناية عن الطموح " بعزم وقوة وما زالت صغيرة لم تعسف بعد .. فتدريبها وعسفها ليست بهذه السهولة .. بمعنى أن طموحه لا يستطيع إلا وأن يتصرف بكل قوة لأجل تحقيقه .. لأنه من القوة التي لا يستطيع التحكم والسيطرة بنفسه لتحقيقه .
وفي البيت الخامس :
في هذا البيت تأكيد على أن الأهداف بعيدة وعظيمة يسعى لتحقيقها طموحه .. ينظر بعزيمة الواثق إلى كل هدف أعلى وأسمى .. بمعنى آخر يطلب المعالي والارتقاء دائماً .. لا يتوقف عند حد أبداً ...
وفي البيت السادس :
مهما حاول لا يستطيع قهر هذا الطموح الجامح القوي ، فعندما يرتكب ثم فعل في سبيل تحقيقه لا يهتم بالآثار المترتبة على ذلك بعزيمة الواثق وقوة المتحمل لردة الفعل .
وفي البيت السابع :
الصبر بإلحاح على الوصول للهدف ، واشار إلى أنه مقتنع بعدم الوصول لأنها " آمال " فكان تلك الأهداف لا تتعدى أن تكون " آمال طموح " يعلل نفسه بالصبر بإلحاح ليصبح الأمل حقيقة .. متحدياً الواقع بكل قوة وصلابة رغم استحالة الوصول .
وفي البيت الثامن :
في البيت الذي سبقه " ذكر الواقع " أي الحاضر أو الزمن الذي عاشه الشاعر . وفي هذا البيت ذكر " المستقبل " وذلك من خلال ما ينظره من الوقت أو الزمن وأنه من الصعوبة تحقيقه حتى في المستقبل .. اقتناع ذاتي بعدم تحقيق شيء مهما كان وبرغم ذلك علة عزيمة وإرادة قوية لن يهاب المخاطر .. فالواقع ممكن التعرف على هذه المخاطر وتحديد ضعفها من قوته ولكن عندما أشار للمستقبل " بالوقت " والزمن القاسي الذي تكتنفه غموض تلك المخاطر .. بمعنى التضحية بكل شيء من أجل ذلك .. رغم توقع النهاية لهذا الطموح – لهذا الهدف – أو الفكر الأسمى – بفعل المهالك والأخطار التي تقوده إلى المجهول ومع هذا يصر علة عدم الخوف منه مهما حصل له . وفي تحليلنا لهذه القصيدة تستطيع الوصول إلى ما تحدثنا عنه من اتجاه فلسفي شعري وما تتلخص به من معاناته للوصول إلى أهداف ليست على مستوى زمانه .. وكذلك سمو التفكير – فالإنسان فكر – والفكر إنسان ... لا يستطيع تحقيق ذاته إلا بتحقيق ذلك .. فتتجلى عبقرية هذا الشاعر الفيلسوف بروعة هذه الأبيات التي فلسفة معاناته وعبرت عن خلجاته بأصدق الأحاسيس والمشاعر النابعة من الوجدان .
وفي قصيدته " يا ليتني " صفحة ( 199 ) في ديوانه يقول :
يا ليتني مثلك من العشق ملتـــــاع
ولا زلت أعاني منه كثرك واعيشه
كان أسمعك شعر تزلزل له القــاع
يسوقه إحساس خفوقي بجيشـــــــه
أعدل أبياته على كل مصـــــــراع
واحوله لوحات فنان ريشــــــــــــه
المشكل أن الحب يا صاحبي ضاع
من قلبي بوسط الليال الوحيشة ..!
في هذه الأبيات الأربعة السابقة من تلك القصيدة دليل بأن معاناته ليس حب لشخص ( عشق ) ولكن كما ذكرنا سابقا اتجاه فلسفي وفكر هادف .
كما تلحظ ذلك في قولة :
احبك كلمة صارت رخيصة
يرددها من الجهال واجــــــد
يـــــرددها بلا نفــس بخيصة
تعرف آن الهوى معناه واحـد
وتجده في هذين البيتين الذي يقول فيهما لا وجود للحب الصادق بل اتخذ كلعبة للتسلية عندما قال :
نهاية مسيرك مثل ما صار مع غـيـــرك
يذوي جمالك عزتا لك ولا وينسونــــــك
تحــاول تلاعـبي على حــد تفكـــــــيرك
وانا كاشف اللعبة قبل تفتح عيونــــــــك
وفي قوله :
الرغبــــــة تشجـــــع على حث الأقـــــدام
والرهبــــــة تحـــــذرني أنســــــــاق كلــي
فهنا رغبته في مواصلة طموحه ولكن بحيطة وحذر .
وفي قصيدته ( اشتكى الليل ) بديوانه صفحة ( 171) تجد أيضاً هذا الاتجاه في قوله :
قال عذروبك عيونك ما تنــــام
كنها مخلوقة لعد النجــــــــــوم
العذول يظنها تسهر غــــــــرام
ورغبتي في اللهو يحرمها تنوم
ما درى وش سر حبي للظـــلام
الصبور اللي على سري كتــوم
اشتكى لليل من دنيا الزحــــــام
اللّي تغير صخبها كل يـــوم ..!
من خلال شرح هذه الأبيات يتضح رده على التساؤل لماذا هو سهر دائم ..؟ هل كما ظنه العذول غراماً وعشقاً .. أم لسراً في نفسه .. !! وما هذا السر الذي يخفيه .. هل هو ذاك الهدف الأسمى ودافع الطموح ..!
وما زلنا نحاول البحث عن معنى الحب الأسمى والأعظم كفلسفة ارتبطت عنده بالطموح ومدى تحقيقه أو كمفردة رمزية ظهرت في الكثير من أشعاره وفي الأبيات التالي يتضح ذلك :
كنت قبل اشوفك من زمـــــان
حلمي اللي ما هقيت انه يصير
حيل محتاجك ولي حلم كبيــــر
حبنا يكبر ويجمعنا المصـــــير
ومن لقيتك زاد حبّي للحيـــــاة
وقبل اشوفك فاقدٍ شي كبير ..!
هذه الأبيات توضح فلسفة مفهوم الحب عندما ربطه بالأفكار ، فيقول أستطيع التعرف على ذلك الحب قبل أن التقي به ، لأنه الطموح الذي هناك استحالة في تحقيقه .. ففي البيت الأول أشار للطموح الحلم المحال ، والبيت الثاني الحاجة للحب الموافق لهذا الطموح وبالتالي الالتقاء على هدف واحد ومصير أبدي يحتاج له بقوة الطموح .
وفي البيت الثالث .. إجابة بأنه إذا وصل الهدف عرف معنى الحياة . .. فلن يرتاح في حصول الحب وحده طالما لم يتحقق الهدف العشق الذي يتمنى الوصول إليه .. فلن تكتمل المتعة واللذة في العيش إلا بتحقيق فلسفته تلك .
هناك من الأمثلة في شعره الكثير الأبيات تمكننا من التعرف على خصائص عديدة وتدعم وجهة نظرنا بعمق فلسفته الشعرية وما جاء سابقاً يؤدي الغرض لننتقل إلى خاصية أخرى في أشعاره .
بين المتنبي وشاعرنا الفيلسوف
في قصيدته " دللوا باللي جرى .. " والتي في وردت في ديوانه صفحة (182) نجد روعة الإبداع والمقدرة على تصوير المعاناة في قوله :
تطلبــــــون حقوقكم والـحــــق لـــــي
صار في حقي على نفسي خصام ..!
هذا البيت إبداع بحد ذاته أتى بمعاني جديدة ليست موجودة سابقاً .. فيقول ( حقوقكم ) مجموعة حقوق تدعونها أنتم .. وقال (الحق ) ليس لكم حق في هذا وكرر مفردة ( الحق ) للتأكيد بأن الحق معه ، رغم الهدف الخفي .. بالتساؤل ما هو هذا الحق .. ؟
في هذا المعنى الجميل للبيت الإبداعي تذكير لنا في قول المتنبي :
يا أعــــدل الـناس إلا في معاملـتي
فيك الخصام وانت الخصم والحكم
في بيت المتنبي هنا أشار لأقسى أنواع الظلم .. لأن الإنسان الذي عامله بقسوة وظلمة بطبيعة عادلة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ( يا أعدل الناس ) واستثنى العدل لشخص المتنبي .. بمعنى أن عدله لا يتحقق للمتنبي .. برغم عدالته المعهودة كإنسان ونحن نعرف أن المخاطب سيف الدولة .. بل ضرب أشد وأقسى أنواع المعاملة والظلم لكونه الخصم والحكم في آن واحد .. فحكمة المتنبي في قضيته لأنه أعدل الناس ولا يشك في عدالته أبداً فعامله بقسوة وظلمة .
أما الفيلسوف سعود بن بندر أتى بصورة جديدة لظلم أشد ضراوة وقسوة مما وقع على شاعرنا العظيم المتنبي .. فالحق للشاعر .. لا جدال في ذلك .
مع ملاحظة : أننا لسنا في صدر مقارنة بين شاعرنا الفيلسوف والمتنبي وبيان ما إذا كان هناك للمتنبي تأثيراً على الشاعر الفيلسوف سعود بن بندر ، لأننا لم نحاول ولا مجرد المحاولة النظر في هذا الموضوع لبعده عن هدفنا والمتمثل في بيان فلسفة الشاعر سعود بن بندر ولكن قارنا بدرجات الظلم والمعاناة لكون بيت المتنبي السابق يعتبره النقاد والدارسين مثل على أشد أنواع هذا الظلم الإنساني.
الحكمة وصدق المعاناة في شعره
في الكثير من أبياته تعتبر الحكمة من الخصائص والمميزات التي تجعله في مصاف من سبقه من فحول الشعراء الشعبيين ... فمن المعاناة الصادقة النابعة عن تجربة ذاتية ينطلق الإبداع على لسان أي شاعر .. فالإبداع يرتبط بمعاناة الشاعر .. فتخرج لنا لحكمة على لسانه من خلال ما عاصره وعايشه خلال معاناته تلك .. فيضرب لنا أروع الأمثلة ويأتي بأصدق الأبيات الحكيمة التي تجد فيها الخبرة والتجربة .. لنتعظ بها ونؤمن بما جاء فيها من عبر وقصص عاشها الشاعر وصاغها بأسلوب الفيلسوف الحكيم المجرب .. ففي قصيدة " عادة العاقل " صفحة (158) في ديوانه ، تجد القصيدة زاخرة بالأمثلة التي تنم عن حكمته وتجربته الطويلة ولكن نجد أنها في وضوح في البيتين الأولين :
ما يعلم بالسنع مثلك عليــــــــــــــــــم
عادة العاقل على نفسه خصيــــــــــم
ما يبرق في خطا عادي الرجــــــــال
وتحسب الهفوة على الرجل الفهيم ..!
فالقصيدة المخاطب بها إنسان عاقل وذو علم ودراية فأتت مليئة بالنصح والإرشاد من منطلق الخبرة والتجربة ، أيضاً انظر هذه الأبيات من قصيدة " تساهيل " والتي وردت في صفحة ( 162) من ديوانه .
وابيك فوق اليأس لو يطنح الكيل
ربك يفرجها بحكم اقتـــــــــداره
ترى ردي العزم ما يفطح الشيل
والهمة العليا طموح وجساره ..!
إلى أن قال :
انشد مجرب واستفد مثل ما قيـل
حتاك تبدأ من نهاية مســــــــاره
وعندك خبر عني بكل التفاصيل
وأبي خطاي قداك والعلم شــاره
أبيك لي تحضير وأبيك تكميـــل
وان قلت أنا كامل فهذي عيــاره
وتستطيع الوقوف على معاناته في قصيدة " يوم افكر بنفسي " صفحة (175) من ديوانه وفي قوله :
يوم افكر بنفسي وش خذت فالحيــــاة
وش لها وش عليها ليش دايم صـراع
والتفت حولي ابحث من يعيش بهنــاة
انصدم بالحقيقة كلهم في ضيـــاع ..!
في هاتين البيتين صراع نفسي ناتج عن عدم الرضى على من حوله وعلى الواقع نفسه .
وفي قصيدة " ما أحد الناس " صفحة ( 173) في ديوانه يقول:
أمس بلا حــــــــزن ومناحـــــــــه
ولا ذرة لــــه من ضميــــــــــــري
لقيت بدفني عانــــــات راحــــــــه
مضى واللي مضى لي ما يصيري
غسلت القلب من باقي جراحـــــــه
ومن ذهني مسحت هموم غيـــــري
تعبت من المجامل بالصراحـــــــــه
ولقيت الناس مرضاهم عسيــــــري
دريت أن عمري المقبل كفاحـــــــه
يبي مني بذل جهد كثيـــــــــري ..!
هنا الأبيات السابقة محاولة للتحرر من الماضي لاستحالة عودته وعدم الرضا عن الواقع وبذلك قصارى جهده للمستقبل أفضل وأجمل .
فيها معاناة وتجربة وحكمة فإرضاء الناس غاية لا تدرك . والمعاناة والواقع ( الحاضر ) والتجربة ( الماضي ) .
وفي قصيدة بعنوان " ليالي " صفحة ( 180 ) ديوانه والتي مطلعها :
ليالي خلي لطبعك طريقه
تغيرتي بشكل ما نطيقــه
جبرتينا نساير خلق ربي
وسايرنا وغيرتي الخليقه
أيضاً القصيدة بمجملها معاناة وفيه من الصور الإبداعية الكثير ففيها صراع الإنسان من الحياة والعيش بحرية بعيداً عن قيود الحضارة وبين الشاعر المعيشة على الفطرة .
ليالي خلي وبين حقي في مصيري
أنا لحريتي نفسي شفيقـــــــــــــــه
هذا وأتمنى أن نكون قد استطعنا الغوص في أعماق نفسية شاعرنا الفيلسوف ولكم أرق تحية .
الفيلسوف الذي تحدث شعراً ....
** دراسة تحليليه لنفسية مبدع من خلال قرائه لبعض نصوصه الشعريه،،،،،،
مدخل :
سعود بن بندر طفل ليس ككل الأطفال في طفولته النزقة تبينت وآمنت له لأنه يختلف عن نزق أبناء جيله ، وكنت أخشى أن يكون هذا فقط تقدير أب .. مصدره عواطف أبوه أيضاً .. لطفولته ذكريات جميلة .. تشرق في كون الأسرة حينما اقتفى أثر نزق نبوغه المبكر واتجاهه الإنساني الفريد "(1)
في هذه الكلمات الصادقة تحدث سمو الأمير/ بندر بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود ، في مقدمة لديوان الأمير الشاعر الإنسان (سعود بن بندر) ، لم يكن غريباً عنه بل عايش تلك الموهبه الشعرية الفريده بإحساس الوالد ، فجاءت كلماته مفعمة بالصدق ، خالية من المجاملة له .. فرأى عن قرب فلسفة ما يقوله بواسطة رواته ، فأعجب بأبياته التي تنم عن حكمة واسعة ونفس إنسان مبدع .
(سعود بن بندر) رحمه الله شاعر غني عن التعريف فهو كشاعر مجدد يعتبر من رواد الشعر الشعبي في المملكة . اعترف أن من أسباب دوافع الكتابة عنه ، ما أكنه لهذا الإنسان من حب لشخصه كشاعر كونه شاعر مبدع ، عشقت كلماته بل وأحرفه، وحفظت الكثير من قصائده التي ما زالت خالدة في أذهان محبي شعره ، خلدت لما لها من قوة في المعنى ، وعذوبة في التعبير وسلاسه في اللفظ وما تحمله من مشاعر سامية نبعت من وجدان هذا الفيلسوف الشاعر الحكيم .
واعترف بأن سعادتي لا حدود لها لو قدر له الحياة ليقرأ هذه السطور المتواضعة والتي أكتبها الآن لما كان له من رغبة في سماع أو قراءة كل من له رأي حول شعره كما جاء على لسانه في مقدمة ديوانه عندما قال " مؤكداً رغبتي أن أسمع الرأي .. بل شكري لمن سيسمعني رأيه بأي وسيلة يراها .. لأنني أحتاج استعمال الميزان "(2) ولكن لإيماني بالقدر الذي لم يمهله كثيراً ولاعترافه بأن قصائده بمنزلة أبناءه حينما قال في مقدمة ديوانه أيضاً " لم أجرب شعور الوالد نحو ابنه بعد .. ولكن إذا كان نفس شعوري في ذلك الوقت نحو قصائدي فلا شك أنه شعور عظيم لأنها كانت شيئاً أشبه بأبناء لي "(3) .
أقول بهذا عزائي الوحيد وكأني أمام أبناءه وأنا أقرأ كل قصيدة كتبها .. وشعور يعتريني بأنني أمام شاعري أراه وأسمعه عندما أقرأ حروفه بكل الحب رحمه الله.
حياته الشعرية :
سعود بن بندر شاعر موهوب منذ نعومة أظافره كما جاء على لسان والده ، وتجربته الشعرية جاءت بسيطة لا تتعدى ما يقوله عن أحلام كل إنسان ذو موهبة ولقد اعترف صراحة بأن تجربته وحياته الشعرية مرت بمرحلتين متأثرة بنظرته وفلسفته في الحياة .
فالمرحلة الأولى : مرحلة المراهقة وهي التي يسيطر فيها القلب تماماً على العقل وتملؤها العواطف والأحلام ويطيب فيها عيش الحاضر ولا يهتم صاحبها بالتفكير في المستقبل . في هذه المرحلة يعترف سعود بن بندر بأنه كتب قصائده الأولى وبأنه لم يحس بصعوبة عند محاولة الكتابة لأنها تنساب منه انسياب دموع الحزين .
أما المرحلة الثانية : مرحلة النضج والنظرة العقلانية للحياة أو كما سماها سيطرة العقل وتغيير نسبة العاطفة الوجدانية في داخله . هذه المرحلة تعتبر المرحلة الإبداعية لديه فالشعر أصبح وسيلة لتحقيق أهداف الطموح من خلال فلسفة الواقع يستطيع الوصول وتحقيق أحلام المستقبل .
فالدارسون لشعره لا يستطيعون تحديد ملامح تلك المرحلتين ، بل يجدون صعوبة في التفريق بينهما ، لما لشعره من قوة في الأسلوب والمعنى ،ولعدم توفر الكثير من نصوصه الشعرية التي كتبها في مراحله الأخيرة ، فليس لدينا سوى ديوان واحد مطبوع جمع بعد وفاته دونما يوضح البدايات كما أراد الشاعر نفسه عندما أشار في مقدمته التي ظهرت في الديوان غير مكتملة بأنه سوف يقدم مجموعة شعرية كديواني شعر لكل مرحلة على حده ، بيد أننا نستطيع أن نوضح بعض خصائص ومميزات شعره بشكل عام ، لكلا المرحلتين التي مر بهما الشاعر دون تجزئه لعدم استطاعتنا كما ذكرت لذلك .
فشعره يمتاز بعفوية الإحساس والمشاعر فلم يكن يتصنع أو يفتعل العاطفة ، بل كان يكتب على سجيته دونما تكلف ، ولذلك جاء صادقاً ومعبراً وواضحاً رغم ما نلاحظه من بعض الغموض في أبياته وكثيراً ما يرمز بالحب أو العشق لهدف أسمى في نفسه ، تجده يهرب من الواقع ويجنح إلى الخيال بعض الشيء لتتضح المعاناة الصادقة في أشعاره من عدم الرضا عن الواقع وفلسفته الشعرية وسمو التفكير لديه ، فتحدث عن الطموح كثيراً وجاءت أشعاره بصور فنية رائعة وبأسلوب شعري مميز محملة بالحكمة والأمثال التي خلدها في أذهان الناس . فعندما تتعمق في قراءة نصوصه الشعرية تكتشف أنك أمام فيلسوف صاغ مبادئه وطموحاته وأهدافه بأعذب الكلمات الشعرية , فتعال عزيز القارئ لنتعرف من خلال قراءة بعض أشعاره على هذا :
الفيلسوف الذي تحدث شعراً .. !!
قلنا عندما تحدثنا عن حياته الشعرية بأنها مرت بمرحلتين وأنه من الصعوبة التمييز بين هاتين المرحلتين لأسباب ذكرناها ولكننا عندما نستعرض بعض أبياته الشعرية والتي قرأناها في ديوانه بصورة غير منظمة لعدم اقتناعنا بأنها جاءت مرتبة في الديوان حسب مرحلتها بمعنى أنها طبعت ورتبت داخله حسب التاريخ الذي قالها الشاعر فيه ، وبالتالي تقربنا للحكم على تصنيفها في أي من المرحلتين تكون تلك القصيدة ، ولكن إذا ما عرف القارئ بأن المرحلة الأولى في شعره كانت تلك القصائد الوجدانية التي يتحكم في قوتها عاطفة القلب ومدى سيطرة إحساس القلب على منطق العقل وبأن فلسفة المرحلة الثانية تعتمد على العكس ، وهذه الفلسفة الشعرية التي اعتنقها الشاعر جاءت على لسانه كاعتراف صريح على المنهج الفلسفي الذي كان يلتزمه ، يستطيع الناقد والدارس الواعي والمتابع الحذق أن يقترب من زمن القصيدة في ظلال تحليلنا لبعض أبياتها وما تحمله من خصائص وبناء فني وصور إبداعية رغم ما قلنا من صعوبة تحديد في أي المرحلتين كتبت .
1- مقياس الإبداع في نظره :
ففي قصيدته تحت عنوان " يا أهل الشعر والفن " والتي ضمنها ديوانه في صفحة ( 166 ) جاء اعتراف الشاعر صراحة بأنه يكتب الشعر على السجية مفسراً عفوية أحاسيسه ومشاعره التي يلحظها كل قارئ في معظم أشعاره ، فهو لا يفتعل الكلام ولا يتصنع المعنى بل تنبض أحاسيسه شعراً لترسم لوحة مشاعر جميلة يقرأها عشاق ريشته ، فلسلفة فن معبرة وصادقة على صدر صفحات الجرائد والمجلات ولذلك قال :
حاولت أصور بالشعر نبض الإحســــــــاس
ورســم المشاعر فوق الأوراق كـــــــــايــد
وأنا كتبتــــه مــــــا تخيلـــــــــت مقــــياس
على السجية كنت أقول القصايـــــــــــــــد
فهو ليس واثقاً من محاولته رغم صدق أحاسيسه ومشاعره من طبيعته فهو لا يستطيع الحكم على ما قاله لأنه لم ينظر لحظتها إلى المقاييس الشعرية وأوزان القصيدة ، فجاء بهذا النفس الإبداعي العذب على السجية ، فالقصيدة يخاطب فيها الشعراء والنقاد وبتواضعه يقوم أنا لست شاعراً ولا أضع نفسي عليكم ناقداً ولكن إن جميع ما أكتبه شعوراً طبيعياً وعفوياً ، أحاسيس ومشاعر تتأجج بداخلي هكذا دون افتعالها . وكأن لسان حاله يقول.. من منا الشاعر .. ؟
فالشاعر المبدع في نظره من يقول الشعر على السجية .. هنا أتى بمقياس الإبداع لدى الإنسان المبدع ..
2- الغموض في بعض قصائده :
ليس هناك غموضاً بمفهومه اللغوي فشعره كان عذب الألفاظ بسهولة يفهمه المتلقي المثقف والإنسان العادي على حد سواء ، فلقد ذكرنا من مميزات شعره بأنه جاء على السجية وبتلقائية الفطرة لدى الإنسان ، ورغم أنه يعتبر شاعراً مجدداً لا تكاد تجد وأنت تقرأ له تعقيداً في اللفظة وصعوبة في المعنى والتشبيه المبالغ فيه ، على عكس ما جاء به بعض الشعراء بدعوى التجديد فأضاعوا الطريق الصحيح الذي رسمه هذا المبدع وذلك عندما قال رائعته التي منها :
أرعـــــى خيالك في خيالي وأناجيـــــــــــــك
وأضـــــم طيفك واحسبنــــه قوامــــــــــــك
وأشتاق لك وأحلم بزولك وأراعيـــــــــــــــك
وأخـــــاف من غــــــيري يفوز بغرامــــــك
ولكن الغموض في شعره يتمثل في فلسفته الشعرية ولكونه فيلسوفاً بلسان شاعر ، وذلك عندما تحلل بعض أبيات قصائده وتقترب من فهم المعنى القريب لها ، تجد عمق نظرته يقودك إلى استحالة فهم المعنى البعيد لتلك الأبيات ، مؤمناً عند محاولتك التحليل بمقولة المثل " المعنى في بطن الشاعر " وقد لا تواجه صعوبة في كشف الغموض المقصود من الشاعر حينما يكشف عن ما رمز له ، ولكنه ببراعة ومقدرة الفيلسوف يجعلك تسلك الطريق الصحيح بين المعنى القريب من وجهة نظرك كمحلل أو ناقد وبين المعنى البعيد من وجهة نظره هو كشاعر ، أردت تحليل نصوصه تمهيداً لفهمها ونقدها . وتلحظ الغموض أيضاً لكونه أخذ مفردة الحب أو العشق لترمز لهدفه الأسمى وطموحه الجامح ومبادئه النبيلة ليفتح أمامك أبواب المدينة الفاضلة عند أفلاطون ، حتى ليخيل إليك أن جميع ما كتبه من قصائد وجدانية تحمل هذا المعنى ، رغم وجود تجارب عاطفية عاشها الشاعر واعترف بها صراحة سوف ندلك على تلك التجربة عند الحديث عن العشق كمفردة ترمز لهدفه وفكره الفلسفي .
جاء بديوانه العديد من القصائد التي ينطبق عليها هذا الوصف أو دعني أقول النفس الإبداعي الفلسفي الذي ما زلنا نتحدث عنه فلقد حذفت مفردة أو اثنتين قصد الشاعر عدم تواجدها وبذلك حافظ على منهجه الفلسفي لشيء في نفسه .
فهناك كمثال قصيدة " علمتني " صفحة ( 68 ) وقصيدة " سيد الرشا " في الصفحة التي تليها وقصيدة " دنياك حلوة " في صفحة ( 114 ) وقصائد أخرى احتواها ديوان الشاعر . وللدلالة أكثر على الغموض في بعض أبيات قصائده نورد هذا البيت من قصيدة " أنا غريق " صفحة ( 156 ) فهو يقول :
بين اختياري واختياري والأيام
حسيت نفسي واقف في محلي ..!
وفي قصيدة " يا خوي " صفحة ( 154 ) قوله :
خذها نصيحة قلب مالك موالــــــــــــــي
ألاّ أنت والقدرات واللّي تشوفــه ..!
إلا أن جاء في آخر القصيدة في محاولة الإجابة على الغموض في إبداء النصيحة وبأنها نصيحة مجرب عاش تلك اللحظات ونظر لها بعين العقل وأدرك بمقدرته الطريق الصحيح وأن منطقه هو الصواب لذلك أجاب على الغموض في مطلع القصيدة وأتى بغموض الحدث عندما قال :
يا رب يا سامع رجــاي وســـــؤالي
وفقني لتحـــــت القـدم في وقوفـــه
واغرف خطايه وانت أعلم بحالــــي
وقصدي ونياتي ونفــــسٍ عيـــوفــه
في ما عملـــــت أول وناويـــة تالــي
خلك معي يا رب منك المروفه ..!
ليس هناك مجالاً لتوضيح وشرح الأبيات السابقة .. إلا بالتساؤل إذا كان يطلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى ، واعترف صراحة بالخطأ وبأنه حدث في الماضي … فلماذا ينوي فعله مستقبلاً .. ؟ ويطلب ربه الرأفة والرحمة لحظتها ؟ الإجابة على هذا التساؤل الذي يوضح عمق الفلسفة في شعره يكشف الغموض ..!
وفي قصيدته " عطني العزوم " في صفحة ( 160 ) يقول مطلعها :
لـــي لـــــزوم هنــاك وهنيا لزوم
والهنيا أهـــون خطاها من هناك
وقامت ش**** على قلبي تلوم
وبعد ما خايرت نفسي قلت ذاك
الهنيـــــة تشبـــه لماكر رخـوم
في محلة تاصله حذفـة عصـاك
والهنــــــــاك تشابه لحــر يحـوم
ماكرة صعب على نصب الشبـاك
انتويــــت هناك يا معطي العـــــزوم
عطني العزم القوي وأجزل عطاك
كم هي جميلة هذه القصيدة التي يفاضل فيها بين ما رمز له " بالهنيا " أو هنا ، أي ما يلمسه الشاعر ويعيشه فعلاً ذلك الشيء القريب جداً له وبين ( هناك ) ذلك الشيء البعيد والصعب في نفس الوقت والذي يهواه الشاعر ويتمنى الوصول له ، لأن فيه متعته الحقيقية وقناعته وإرضاءه لرغباته وأحلامه ، بمعنى بمثابة تحقيق الذات ، لأنه فضله على ما رمز له بالضمير " هنا " تلمح الغموض في هذه القصيدة رغم سهولة ألفاظها ووضوح معناها للوهلة الأولى ، وتتساءل ماذا يقصد بهاتين اللفظتين ، وتكاد تجيب هل قصد المفاضلة بين " الدنيا " وأشار لها " بالهنيا " والدار الآخرة عندما أشار لها " هناك " خصوصاً وأنه ربط الوصول لهدفه وما يرغب في تحقيقه من خلال ما تلحظه من صراع داخلي في نفس الشاعر باستجابة الله سبحانه وتعالى وطلب المغفرة والعفو وأن يثبت أقدامه على الطريق الصحيح .
إنك لا تستطيع بأن تؤكد بأنه صراع الخير والشر في نفس الإنسان .. لأنك أمام فيلسوف يحتمل منطقة بعد أعمق وأشمل.
يساعدنا في الدلالة على الغموض في شعره من منظور وبعد فلسفي بحت ما جاء في بعض أبياته كقوله :
أقولها وأجهـــــر بها يا هــــل اللمـــــح
صبري تعدّى الحد وأرجي عساهم
وفي قوله :
ولولا أن سب الدهر شركي
فسرت قصدي وجبت أمثال
فعند تحليل هاذين البيتين وفهم المعنى بشكل سليم وواضح وما جاء بها من مفردات مرتبطة بالغموض بمعنى محاولة تفسيره وإيضاحه مثلاً على فهم هذا البعد الفلسفي الذي تمتاز به معظم أشعاره رحمه الله .
3- العشق رمزاً لهدف في نفسه وللطموح الذي لا تكاد تخلو معظم قصائده من الحديث عنه:
تحدثنا عن الغموض كنفس إبداعي فلسفي أتى به في مضمون أشعاره وقلنا بأنه استخدم مفردة الحب والعشق كرمز للطموح والهدف حتى ليخيل إليك أن جميع قصائده تقوم على هذه الفلسفة ..
وسواءً عاش تجربة الحب الحقيقي أو أنها أحلام المراهقة كما اعترف صراحة بأن مضمون أشعاره تقوم على سيطرة القلب والتي ذكرنا بأنها تمثل المرحلة الأولى في حياته الشعرية ، لا نستطيع إنكار ما تحمله بعض نصوصه الشعرية من دلالة واضحة على غزله العفيف الطاهر الذي لا يتعدى الأحلام النبيلة والأماني في نفس العاشق الولهان ، وما عرف عنه من نبض الإحساس الصادق الذي أثبت مصداقية ونبل مشاعره الوجدانية من خلال قصائده الغزلية ، الذي عرفه محبيه من خلالها كشاعر غزل عفيف ، أبدع في وصف المرأة والتغزل بها وكأنه يصور معاناة كل إنسان محب أضناه الفراق ولوعه .
كل ذلك نضعه نصب أعيننا ونحن نتحدث عن المرأة الحبيبة في أشعاره ، فليس بمقدورنا التغاضي عن هذه التجربة في حياته أيا كانت .. ربما تكون تجربة قاسية ومريرة ، نهايتها الفشل لظروف ليس لها علاقة بتطور الفكر الفلسفي الذي مرت به حياته الشعرية ، وربما لا تعدو ثمة أحلام وأماني بدافع القلب المسيطر على سلوكيات الإنسان في مرحلة ما .. تحدث عنها الشاعر نفسه ووصفها بمرحلة المراهقة . فهو يقول إنه يحب فهم متعة عيش كل لحظة .. للحبيب والرؤية للحبيب.. وسهر ليل الحبيب " بتلك الحقبة الزمنية من حياته وعلّل أحاسيسه تلك بقوله " لأنه كان بأمكاني أن أعيشها .. وأحس فعلاً وبصدق أنني أعيشها، لأنني وببساطة وبنفس القوة التي أعايش بها نفس الشعور عشتها بحنيني .. أو بخيالي وبغض النظر عن وجودها أو عدمه .. فإنها تنساب منّي انسياب دموع الحزين ".(4)
يعترف بأنه قد عاش هذه التجربة على الأقل كشعور وإحساس الإنسان الحزين الفاقد للقلب الذي يحنو ويعطف عليه .
فجاءت أول قصيدة كتبها يقول فيها :
الدمع غالي كف دمعك كفايه
وش في دموعك فوق خدك جواري
دمعي معك وإن هل دمعك عزايه
أبكي لدمع من العيون الحواري ..!
جاءت كفكرة " دموع " من قصيدة مشهورة للأمير عبدالله الفيصل مطلعها :
ليتني ما شفت في عينك دموع
منظر الدمعة على خدك هلاك
برغم أن الشاعر أنكر مدى التأثر بهذه القصيدة فعلاً بأنه محتاج للفكرة فقط وبأن التأثير خفي وأقوى .. ونحن نرى بأنه شعور الحزين فلذلك رأى بدموع الحبيب العزاء فيما أصابه من حزن عميق ..
ففي قصيدة " منهو حبيبك " والتي جاءت بديوانه صفحة ( 59 ) ضرب أروع الأمثلة في التضحية من أجل المحبوب عندما تساءل قائلاً :
منهو حبيبك غايتي بس أهنيـــــه
على حسن حظه عشانك حبيبه
أنا أشــــهد إن الله يحبــــه ومعطيــــه
اللّي هداك الرب تصبح نصيبه ..!
فبهذه الأبيات الرائعة كان هذا التساؤل .. منهو حبيبك .. ؟ أجاب على غرضه عن معرفة الإنسان الذي يعشقه حبيبه .. والقصد والهدف من ذلك التهنئة والتبريك لهذا الإنسان المحظوظ الذي أحبه وأصبح من نصيبه .. محبوب الشاعر ، فلم يدع مجالاً للغيرة بل آمن بالقدر وبأن الحب قسمة ونصيب ، فأراد أن يعبر عن شعوره الصادق بذلك التصرف اللاإرادي .. النابع من سمو تفكيره الروحاني وبأن سعادة هذا المحبوب مع من يحب توجب التضحية وبذل العطاء أكثر وأكثر . عدا ما جاء في القصيدة من أبيات أخرى في الوصف والتغزل وإظهار الجمال الأنثوي الذي هو هبة من الله والطباع الحميدة التي أصبحت كمجهر ينظر من خلاله ليحكم على بعض مايراه جميلاً .. وكأنه يقول مقياس الجمال الحقيقي هو أنت يا حبيبي في قوله :
قبلك وأنا بعض الجمال التفت فيــــه
وعقبك ظهر في كل من شفت عييه ..
وفي قصيدة " كرهني نفسك " الصفحة (60) تجد فيها من الصور البديعة والجميلة بمنطق واقعي ومقنع عندما طلب في البيت الأول المساعدة لكي ينسى ذاك الحب الذي لوعه وأضناه وقلب حياته رأساً على عقب .. فمثله بالأسطورة التي لا تصدق وتوقع النهاية الحتمية التي لابد منها لما كل بداية نهاية وذلك في قوله :
حبي لك أبلغ من جميع الأساطيـــــــــــر
ماله بقاموس الهوى وصـــــف ثانــــــي
لاشك أنا أشعر بالنهاية وش تصيـــــــــر
وأحســــب حســـــاب فراقنا بالثوانــــي
فرغم هذا الحب الأسطوري الذي فاق الوصف وتعدى خيال الأسطورة لا أجد معنى بليغ لأتحدث عن عظمة هذا الحب .. ! فبرغم عظمته ومصداقية مشاعرنا ليس هناك أدنى شك بقدوم النهاية وأن قال هذا العشق الأفول .. بل أنني أدري بمصيره فلذلك أعد وأرقب الفراق بالثواني .. وهنا إشارة للسرعة والحذر والمصير الحتمي المتوقع . وتجد من خلال القراءة لقصيدته ( تولعت بك ) الصفحة (62) والتي مطلعها يقول :
تولــــعت بك والله كــــتب علـــــى فرقـــــــــــــاك
حسيبي على الحظ الردي كانه اشقانـــــــــــــــــــي
أنا ما شعـــــرت إني مع الناس قبــل ألقـــــــــــــاك
ولا ذقــــت للدنيــــا طعـــــم قبـــــــــــل تلقانـــــي
الحنين إلى الماضي والوقوف على الأطلال ومحاولة رسم صورة لتلك الأيام الخالدة التي عاشها في ظل ذلك الحب الذي تغنى من أجله أعذب الألحان ، في لحظات صادقة عندما زار تلك الأمكنة التي جمعته بالحبيب ، لتكون هذه المحاولة بمثابة العزاء لما يعانيه من ألم الفراق ولوعة الحب الذي أشقاه وعذبه . فلعل في حنين الذكرى تخفيف لأحزانه .
والأمثلة كثيرة على عاطفته الصادقة الرقيقة التي تحدث عنها شعراً بأعذب المعاني وأجملها .. وفيها من الصور الرائعة التي تعبر عن نفسها دونما تحتاج إلى تحليل أو نقد ، فلنقرأ هذه القصيدة وهي من قصائده المشهورة والتي جاءت بديوانه صفحة (94) تحت عنوان " قالوا تحبه " يقول فيها :
قالـــــوا تحبـــــه قلــــــت ما هو بالحيـــل
بــــس إنه أغلا شــــــوي من نور عيـني
يسوى جميــــــع الجيل الأول وها الجيل
أحبابــــــــــــــــــــي الماضـين والمقبلـين
شوقي له أعظم من ظما الأرض للسيل
وأشفــــق عليـــــه أكثر من أم الجنيـــني
واحتـــاج لـــــه حاجة ثرى مصر للنيـل
وعليــــه أغــــار ولـــــو مــن الوالديــني
اشتــــــاق لـــه شــــوق المــحـبين لليـــل
وأرتــاح لــــه راحـــــة دمــوع الحزينـي
لا صـــار جنبــي لو سنــــة وقتي بخيـــل
ولا غــاب لو لحظــات صـــــارت سـنين
قالوا يحبـــــك قلــــــت هـــــــذا هو الويـل
ما ودي أنشــــــد ثم رفضـــــه يجينـــــــي
الأبيات السابقة لا تحتاج لتوضيح على ما جاء بها من صدق الأحاسيس والمشاعر ولكن نريد الإشارة فقط بأنه بدأ بالإجابة على من سألوه عن هل تحب ذلك الإنسان .. ! وبعفوية المحب أجاب .. واستطعنا معرفة عظمة الحب الكبير .
إلا أن سألوه عن ماذا إذا كان هذا الإنسان .. يحبك أيضاً " قالوا يحبك ؟ " في البيت الأخير المذكور سابقاً الذي أفاد بأنه أحيا وأعيش لأجله ورغم هذا يخاف السؤال عنه .. لكونه أمل وربما وهم يعيشه .. ! فيقول لأولئك الناس .. دعوني وشأني.. وفي هذه القصيدة يبين ويوضح بأن الحب عطاء بلا حدود وأنه يقنع بأبسط الأشياء في مقابل الحب الحقيقي من جانبه .. وهذا تمثل بالأمل الذي يعتقد بأنه وهماً لن يتحقق ومع ذلك يشعر بالرضى والاقتناع .
وفي قصيدته " مات حبك .. ! " في ديوانه صفحة ( 96 ) يعترف بأنه جرّب هذا الحب ولكنها تجربة مريرة وقاسية كان مصيرها الموت المحقق الذي اغتاله الحبيب بتصرفاته وادعائه الإخلاص والوفاء الذي صدقها هو بدوره لما خدعه الحبيب من صفات ظاهرية مثلها الشاعر بأنها غلطة عمر كبيرة في حياته فلقد قال :
مات حبك والبقية في حياتــــك
في حنايا خافقي لاقا مصـــيره
خذ مع الجثمان باقي ذكرياتــك
تجربة حبي معك كانت مـريرة
لكوننا كما ذكرت سابقاً لا نستطيع إنكار هذا الحب الذي عايشه كشعور وإحساس بغض النظر عن وجوده من عدمه في حياته، أوردنا بعض الأبيات كدلالة على الحب في حياته بمفهومه العام عند كل الناس..ولكون الحب كمفردة استخدمها للدلالة بالرمز على الطموح وبذلك أصبح للحب مفهوماً آخر ينطلق من فلسفته الخاصة لمعنى العشق والحب الحقيقي.. فنجده ينكر الحب في الزمن الذي عاشه لاستحالة وجوده أصلاً لتبدل المفاهيم والقيم في نفوس الناس ، وتارة بربطه بآماله وطموحاته وأفكاره وأهدافه بهذا الحب ويعترف صراحة في بعض الأبيات بهذا المنطق الفلسفي ، وما قاله أيضاً عن الشك والغيرة ، وتارة بالحديث أيضاً عن تجربة قلبت هذا المفهوم وأصبح لا يثق ولا يحب الدخول في مواصلة الاستمرار العاطفي .
ولمحاولة توضيح ذلك الاتجاه الفلسفي والوقوف على مدى ما تعذب وعاش شاعرنا في سبيل تحقيق طموحه للمضي قدماً في الوصول إلى الهدف الأسمى في حياته . تعال عزيزي القارئ لنغوص في أعماق فيلسوفنا من خلال تحليل لوحته الإبداعية التي حملت عنوان " عذابي في حياتي من طموحي .. !"وجاءت في الصفحة ( 177 ) من ديوانه فهو يقول :
عذابي في حياتي من طموحـــي
أحبه وأعشق أهدافه وأخـــــــافه
هو اللي مشغل ذهني وروحــــي
ومجبرني على حب الكلافـــــــه
يشوف دماي تجري من جروحي
على دربي ولابه لي مرافــــــــه
ويطمح بي مثل مهر جموحــــي
عزومٍ توة بصعب العسافـــــــــه
وحتى لو صعد عالي الصروحي
نوالة نايف باقي البعد شافــــــــه
ولا قلت استرح ما هوب يوحــي
ولا يهتم وش خلاّ خلافــــــه ..!
على الآمال له صبر لحوحـــــي
يعاند واقه أمرة في حلافـــــــــه
يعرف الوقت ضدة في وضوحي
ومع هذا مصمم ما يخافــــــه ..!
هذه القصيدة رائعة كروعة لوحة فنية جميلة وهي تصور معاناة الشاعر .. وتبين فلسفته الشعرية .. فالعذاب .. الحياة .. الطموح .. الحب .. العشق .. الهدف .. الخوف..جميع هذه المفردات جمعها في بيت واحد .. بمعنى كل حروف البيت الأول تتكون من هذه المفردات التي لها دلالة واضحة على أن الطموح في داخله حب بل على ذلك إلى درجة العشق فهو يعشق الأهداف برغم ما يتعذب ومصدر العذاب والمأساة له هو ذلك الطموح في حياته ، الذي يصور له الخوف من المستقبل .. والخوف هنا ليس بمعنى الذل .. ولكن الحيطة والحذر ولإيمانه الكامل باستحالة التحقيق لما فيه من مخاطر تؤدي إلى التهلكة ، رغم هذا العشق الأسمى الذي يجنح إليه الطموح .
فهنا تبرز النظرة الثاقبة للهدف الأسمى وعقلانية الشاعر وذلك بخوفه من طموحاته تلك وفلسفته المثالية وذلك بالإصرار وبعزيمة الواثق على المواصلة بمعنى محاولة التغيير ليحقق طموحاته المثالية ، فتكشف الصراع في نفس الشاعر بين الواقع أي ما هو كائن .. و الخيال ما يجب أن يكون .. فهناك واقعية في التفكير و مثالية الفلسفة لدية .
وفي البيت الثاني :
يشير إلي العقل والروح وجاء بكلمة ( ذهن ) للدلالة على التركيز والجهد الذي يتطلبه عندما ينشغل في التفكير العقلي .. فالإنسان بطبيعة مركب من ( روح – عقل – جسد ) فالروح تدعوا الإنسان إلي السمو والروحانية وإلا ما هو فوقي بمعنى الوصول إلى الفضيلة .
والجسد يأخذ الإنسان بحكم الغرائز الذي تدعوه إلى الدونية والأشياء الأرضية بما فيها من شهوات ورذائل وهدم القيم بدافع الغريزة الجنسية الذي أوجدها سبحانه وتعالى للحفاظ على البشرية بتأثير قوي ليس من السهولة السيطرة عليه إلا بوجود العقل .. الذي وهبه الخالق سبحانه لموازنة كل من هذه الرغبات والمتطلبات ( الروحية – الجسدية ) . وبالتالي يصبح إنسان عاقل .
والملاحظ هنا أن الشاعر أتى بمفردتين صراحة . الذهن ( العقل ) والروح ولم يذكر الجسد أو النفس ، بل أشار إلي ذلك من بعيد في عجز البيت بكلمة ( مجبرني) وأجبر على الأمر : اكرهه والزمه بفعلة ومعنى الجبر : تثبيت وقوع ما يقدره الله من القضاء ويحكم به ..!! .
فالطموح هو الذي الزمه وأمره بذلك الحب المصطنع .. !! فهذا فيه تأكيد على سمو طموحه إلى الهدف الروحاني الذي تحقق فيه ذات الشاعر ، وهنا تتجلى فلسفة الشاعر رغم أن طموحه يلزمه على أن يساير الناس ويواصلهم وذلك لأنه شيء لابد منه .. فالمستحيل تحقيق الطموح لأن النهاية مؤلمة . فالبيت دلالة واضحة على عظمة الهدف الذي ما زال يتمسك به رغم ما يلاقيه من عذاب وقاسى في حياته .
وفي البيت الثالث :
ما زال يتحدث عن الطموح وسمو التفكير والهدف لهذا يقول بأنه أي " الطموح " ينظر إلى جروحي تنزف دماً لأجل تحقيقه " على دربي " إشارة لمواصلة الطريق وبذل الجهد لتحقيق الطموح ، وعلى هذا طموحي لا يرحمني ولا يرأف بحالي وهنا يطلب الرحمة والرأفة فقط وليس تركه في حال سبيله بمعنى أن يتخلى عن طموحه كلياً وهنا دلالة على الهدف الأسمى أيضاً في هذا البيت شبه الطموح بالكائن الحي الذي نظر إليه .
وفي البيت الرابع :
شبه الطموح " بالمهرة " الصغيرة وهذه إجابة على البيت السابق ، بأن الكائن الحي " الحصان " الذي يمثل القوة والعزم فالخيل ترمز للقوة ، وبأن هذه المهرة تجمع " كناية عن الطموح " بعزم وقوة وما زالت صغيرة لم تعسف بعد .. فتدريبها وعسفها ليست بهذه السهولة .. بمعنى أن طموحه لا يستطيع إلا وأن يتصرف بكل قوة لأجل تحقيقه .. لأنه من القوة التي لا يستطيع التحكم والسيطرة بنفسه لتحقيقه .
وفي البيت الخامس :
في هذا البيت تأكيد على أن الأهداف بعيدة وعظيمة يسعى لتحقيقها طموحه .. ينظر بعزيمة الواثق إلى كل هدف أعلى وأسمى .. بمعنى آخر يطلب المعالي والارتقاء دائماً .. لا يتوقف عند حد أبداً ...
وفي البيت السادس :
مهما حاول لا يستطيع قهر هذا الطموح الجامح القوي ، فعندما يرتكب ثم فعل في سبيل تحقيقه لا يهتم بالآثار المترتبة على ذلك بعزيمة الواثق وقوة المتحمل لردة الفعل .
وفي البيت السابع :
الصبر بإلحاح على الوصول للهدف ، واشار إلى أنه مقتنع بعدم الوصول لأنها " آمال " فكان تلك الأهداف لا تتعدى أن تكون " آمال طموح " يعلل نفسه بالصبر بإلحاح ليصبح الأمل حقيقة .. متحدياً الواقع بكل قوة وصلابة رغم استحالة الوصول .
وفي البيت الثامن :
في البيت الذي سبقه " ذكر الواقع " أي الحاضر أو الزمن الذي عاشه الشاعر . وفي هذا البيت ذكر " المستقبل " وذلك من خلال ما ينظره من الوقت أو الزمن وأنه من الصعوبة تحقيقه حتى في المستقبل .. اقتناع ذاتي بعدم تحقيق شيء مهما كان وبرغم ذلك علة عزيمة وإرادة قوية لن يهاب المخاطر .. فالواقع ممكن التعرف على هذه المخاطر وتحديد ضعفها من قوته ولكن عندما أشار للمستقبل " بالوقت " والزمن القاسي الذي تكتنفه غموض تلك المخاطر .. بمعنى التضحية بكل شيء من أجل ذلك .. رغم توقع النهاية لهذا الطموح – لهذا الهدف – أو الفكر الأسمى – بفعل المهالك والأخطار التي تقوده إلى المجهول ومع هذا يصر علة عدم الخوف منه مهما حصل له . وفي تحليلنا لهذه القصيدة تستطيع الوصول إلى ما تحدثنا عنه من اتجاه فلسفي شعري وما تتلخص به من معاناته للوصول إلى أهداف ليست على مستوى زمانه .. وكذلك سمو التفكير – فالإنسان فكر – والفكر إنسان ... لا يستطيع تحقيق ذاته إلا بتحقيق ذلك .. فتتجلى عبقرية هذا الشاعر الفيلسوف بروعة هذه الأبيات التي فلسفة معاناته وعبرت عن خلجاته بأصدق الأحاسيس والمشاعر النابعة من الوجدان .
وفي قصيدته " يا ليتني " صفحة ( 199 ) في ديوانه يقول :
يا ليتني مثلك من العشق ملتـــــاع
ولا زلت أعاني منه كثرك واعيشه
كان أسمعك شعر تزلزل له القــاع
يسوقه إحساس خفوقي بجيشـــــــه
أعدل أبياته على كل مصـــــــراع
واحوله لوحات فنان ريشــــــــــــه
المشكل أن الحب يا صاحبي ضاع
من قلبي بوسط الليال الوحيشة ..!
في هذه الأبيات الأربعة السابقة من تلك القصيدة دليل بأن معاناته ليس حب لشخص ( عشق ) ولكن كما ذكرنا سابقا اتجاه فلسفي وفكر هادف .
كما تلحظ ذلك في قولة :
احبك كلمة صارت رخيصة
يرددها من الجهال واجــــــد
يـــــرددها بلا نفــس بخيصة
تعرف آن الهوى معناه واحـد
وتجده في هذين البيتين الذي يقول فيهما لا وجود للحب الصادق بل اتخذ كلعبة للتسلية عندما قال :
نهاية مسيرك مثل ما صار مع غـيـــرك
يذوي جمالك عزتا لك ولا وينسونــــــك
تحــاول تلاعـبي على حــد تفكـــــــيرك
وانا كاشف اللعبة قبل تفتح عيونــــــــك
وفي قوله :
الرغبــــــة تشجـــــع على حث الأقـــــدام
والرهبــــــة تحـــــذرني أنســــــــاق كلــي
فهنا رغبته في مواصلة طموحه ولكن بحيطة وحذر .
وفي قصيدته ( اشتكى الليل ) بديوانه صفحة ( 171) تجد أيضاً هذا الاتجاه في قوله :
قال عذروبك عيونك ما تنــــام
كنها مخلوقة لعد النجــــــــــوم
العذول يظنها تسهر غــــــــرام
ورغبتي في اللهو يحرمها تنوم
ما درى وش سر حبي للظـــلام
الصبور اللي على سري كتــوم
اشتكى لليل من دنيا الزحــــــام
اللّي تغير صخبها كل يـــوم ..!
من خلال شرح هذه الأبيات يتضح رده على التساؤل لماذا هو سهر دائم ..؟ هل كما ظنه العذول غراماً وعشقاً .. أم لسراً في نفسه .. !! وما هذا السر الذي يخفيه .. هل هو ذاك الهدف الأسمى ودافع الطموح ..!
وما زلنا نحاول البحث عن معنى الحب الأسمى والأعظم كفلسفة ارتبطت عنده بالطموح ومدى تحقيقه أو كمفردة رمزية ظهرت في الكثير من أشعاره وفي الأبيات التالي يتضح ذلك :
كنت قبل اشوفك من زمـــــان
حلمي اللي ما هقيت انه يصير
حيل محتاجك ولي حلم كبيــــر
حبنا يكبر ويجمعنا المصـــــير
ومن لقيتك زاد حبّي للحيـــــاة
وقبل اشوفك فاقدٍ شي كبير ..!
هذه الأبيات توضح فلسفة مفهوم الحب عندما ربطه بالأفكار ، فيقول أستطيع التعرف على ذلك الحب قبل أن التقي به ، لأنه الطموح الذي هناك استحالة في تحقيقه .. ففي البيت الأول أشار للطموح الحلم المحال ، والبيت الثاني الحاجة للحب الموافق لهذا الطموح وبالتالي الالتقاء على هدف واحد ومصير أبدي يحتاج له بقوة الطموح .
وفي البيت الثالث .. إجابة بأنه إذا وصل الهدف عرف معنى الحياة . .. فلن يرتاح في حصول الحب وحده طالما لم يتحقق الهدف العشق الذي يتمنى الوصول إليه .. فلن تكتمل المتعة واللذة في العيش إلا بتحقيق فلسفته تلك .
هناك من الأمثلة في شعره الكثير الأبيات تمكننا من التعرف على خصائص عديدة وتدعم وجهة نظرنا بعمق فلسفته الشعرية وما جاء سابقاً يؤدي الغرض لننتقل إلى خاصية أخرى في أشعاره .
بين المتنبي وشاعرنا الفيلسوف
في قصيدته " دللوا باللي جرى .. " والتي في وردت في ديوانه صفحة (182) نجد روعة الإبداع والمقدرة على تصوير المعاناة في قوله :
تطلبــــــون حقوقكم والـحــــق لـــــي
صار في حقي على نفسي خصام ..!
هذا البيت إبداع بحد ذاته أتى بمعاني جديدة ليست موجودة سابقاً .. فيقول ( حقوقكم ) مجموعة حقوق تدعونها أنتم .. وقال (الحق ) ليس لكم حق في هذا وكرر مفردة ( الحق ) للتأكيد بأن الحق معه ، رغم الهدف الخفي .. بالتساؤل ما هو هذا الحق .. ؟
في هذا المعنى الجميل للبيت الإبداعي تذكير لنا في قول المتنبي :
يا أعــــدل الـناس إلا في معاملـتي
فيك الخصام وانت الخصم والحكم
في بيت المتنبي هنا أشار لأقسى أنواع الظلم .. لأن الإنسان الذي عامله بقسوة وظلمة بطبيعة عادلة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ( يا أعدل الناس ) واستثنى العدل لشخص المتنبي .. بمعنى أن عدله لا يتحقق للمتنبي .. برغم عدالته المعهودة كإنسان ونحن نعرف أن المخاطب سيف الدولة .. بل ضرب أشد وأقسى أنواع المعاملة والظلم لكونه الخصم والحكم في آن واحد .. فحكمة المتنبي في قضيته لأنه أعدل الناس ولا يشك في عدالته أبداً فعامله بقسوة وظلمة .
أما الفيلسوف سعود بن بندر أتى بصورة جديدة لظلم أشد ضراوة وقسوة مما وقع على شاعرنا العظيم المتنبي .. فالحق للشاعر .. لا جدال في ذلك .
مع ملاحظة : أننا لسنا في صدر مقارنة بين شاعرنا الفيلسوف والمتنبي وبيان ما إذا كان هناك للمتنبي تأثيراً على الشاعر الفيلسوف سعود بن بندر ، لأننا لم نحاول ولا مجرد المحاولة النظر في هذا الموضوع لبعده عن هدفنا والمتمثل في بيان فلسفة الشاعر سعود بن بندر ولكن قارنا بدرجات الظلم والمعاناة لكون بيت المتنبي السابق يعتبره النقاد والدارسين مثل على أشد أنواع هذا الظلم الإنساني.
الحكمة وصدق المعاناة في شعره
في الكثير من أبياته تعتبر الحكمة من الخصائص والمميزات التي تجعله في مصاف من سبقه من فحول الشعراء الشعبيين ... فمن المعاناة الصادقة النابعة عن تجربة ذاتية ينطلق الإبداع على لسان أي شاعر .. فالإبداع يرتبط بمعاناة الشاعر .. فتخرج لنا لحكمة على لسانه من خلال ما عاصره وعايشه خلال معاناته تلك .. فيضرب لنا أروع الأمثلة ويأتي بأصدق الأبيات الحكيمة التي تجد فيها الخبرة والتجربة .. لنتعظ بها ونؤمن بما جاء فيها من عبر وقصص عاشها الشاعر وصاغها بأسلوب الفيلسوف الحكيم المجرب .. ففي قصيدة " عادة العاقل " صفحة (158) في ديوانه ، تجد القصيدة زاخرة بالأمثلة التي تنم عن حكمته وتجربته الطويلة ولكن نجد أنها في وضوح في البيتين الأولين :
ما يعلم بالسنع مثلك عليــــــــــــــــــم
عادة العاقل على نفسه خصيــــــــــم
ما يبرق في خطا عادي الرجــــــــال
وتحسب الهفوة على الرجل الفهيم ..!
فالقصيدة المخاطب بها إنسان عاقل وذو علم ودراية فأتت مليئة بالنصح والإرشاد من منطلق الخبرة والتجربة ، أيضاً انظر هذه الأبيات من قصيدة " تساهيل " والتي وردت في صفحة ( 162) من ديوانه .
وابيك فوق اليأس لو يطنح الكيل
ربك يفرجها بحكم اقتـــــــــداره
ترى ردي العزم ما يفطح الشيل
والهمة العليا طموح وجساره ..!
إلى أن قال :
انشد مجرب واستفد مثل ما قيـل
حتاك تبدأ من نهاية مســــــــاره
وعندك خبر عني بكل التفاصيل
وأبي خطاي قداك والعلم شــاره
أبيك لي تحضير وأبيك تكميـــل
وان قلت أنا كامل فهذي عيــاره
وتستطيع الوقوف على معاناته في قصيدة " يوم افكر بنفسي " صفحة (175) من ديوانه وفي قوله :
يوم افكر بنفسي وش خذت فالحيــــاة
وش لها وش عليها ليش دايم صـراع
والتفت حولي ابحث من يعيش بهنــاة
انصدم بالحقيقة كلهم في ضيـــاع ..!
في هاتين البيتين صراع نفسي ناتج عن عدم الرضى على من حوله وعلى الواقع نفسه .
وفي قصيدة " ما أحد الناس " صفحة ( 173) في ديوانه يقول:
أمس بلا حــــــــزن ومناحـــــــــه
ولا ذرة لــــه من ضميــــــــــــري
لقيت بدفني عانــــــات راحــــــــه
مضى واللي مضى لي ما يصيري
غسلت القلب من باقي جراحـــــــه
ومن ذهني مسحت هموم غيـــــري
تعبت من المجامل بالصراحـــــــــه
ولقيت الناس مرضاهم عسيــــــري
دريت أن عمري المقبل كفاحـــــــه
يبي مني بذل جهد كثيـــــــــري ..!
هنا الأبيات السابقة محاولة للتحرر من الماضي لاستحالة عودته وعدم الرضا عن الواقع وبذلك قصارى جهده للمستقبل أفضل وأجمل .
فيها معاناة وتجربة وحكمة فإرضاء الناس غاية لا تدرك . والمعاناة والواقع ( الحاضر ) والتجربة ( الماضي ) .
وفي قصيدة بعنوان " ليالي " صفحة ( 180 ) ديوانه والتي مطلعها :
ليالي خلي لطبعك طريقه
تغيرتي بشكل ما نطيقــه
جبرتينا نساير خلق ربي
وسايرنا وغيرتي الخليقه
أيضاً القصيدة بمجملها معاناة وفيه من الصور الإبداعية الكثير ففيها صراع الإنسان من الحياة والعيش بحرية بعيداً عن قيود الحضارة وبين الشاعر المعيشة على الفطرة .
ليالي خلي وبين حقي في مصيري
أنا لحريتي نفسي شفيقـــــــــــــــه
هذا وأتمنى أن نكون قد استطعنا الغوص في أعماق نفسية شاعرنا الفيلسوف ولكم أرق تحية .
Om Yosef- عدد المساهمات : 362
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
العمر : 36
الموقع : Q8
رد: سعود بن بندر ،،الفيلسوف الذي تحدث شعراً (دراسه شامله)
افحمتينا مع هذا الموضوع الشيق ماقصرتي
أم محمد العدل- عدد المساهمات : 486
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
العمر : 42
الموقع : الكويت
رد: سعود بن بندر ،،الفيلسوف الذي تحدث شعراً (دراسه شامله)
العفو يا عمري مشكوره على مرورج الطيب
Om Yosef- عدد المساهمات : 362
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
العمر : 36
الموقع : Q8
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء أكتوبر 02, 2013 8:24 pm من طرف Hussein Juma
» الدبلومة العقارية الشاملة المصغرة
السبت سبتمبر 14, 2013 4:31 am من طرف Hussein Juma
» دورة الدراسات الفنية لدراسات الجدوى العقارية
السبت سبتمبر 14, 2013 4:31 am من طرف Hussein Juma
» دورات عقارية وهندسية
السبت سبتمبر 14, 2013 4:30 am من طرف Hussein Juma
» دورة إدارة الأملاك (المستوى الأول)
السبت سبتمبر 14, 2013 4:30 am من طرف Hussein Juma
» دورة التقييم العقاري(المستوى الاول)
السبت سبتمبر 14, 2013 4:27 am من طرف Hussein Juma
» فرصة متميزة لإنشاء مكاتب المقاولات والتشطيبات والمكاتب العقارية
السبت سبتمبر 14, 2013 4:26 am من طرف Hussein Juma
» مرحبا بكم بجروب عائلة العدل على الفيس بوك
الأربعاء أكتوبر 03, 2012 9:28 am من طرف جمال العدل
» مرحبا بكم فى جروب عائلة العدل على الفيس بوك
الأربعاء أكتوبر 03, 2012 9:14 am من طرف جمال العدل